الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب قوم إلى الثاني بحجة قوله "مسجدي" فأضافه إلى نفسه وأكده بالإشارة بقوله "هذا" والذي ترتاح إليه النفس القول بأن المراد المسجد كله بما أضيف ويضاف إليه فالصلاة واحدة والجماعة واحدة وفضل الله أوسع من أن يضاعف لأحد المتجاورين المتلاصقين لتحديد كان غير مقصود نعم نقول -كما قال النووي -ينبغي أن يحرص المصلي [دون إحراج أو تضييق على الناس] على الصلاة في الموضع الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم
ومما هو واضح أن الفضل المذكور إنما يرجع إلى الثواب ولا يتعدى إلى الإجزاء وهذا أمر متفق عليه عند العلماء كما نقله النووي وغيره فلو كان عليه صلاتان فصلى صلاة واحدة في أحد المسجدين المذكورين لم تجزه إلا عن واحدة وهذا الثواب وتلك المضاعفة غير التضعيف الحاصل بالجماعة فإنها تزيد سبعا وعشرين درجة كما تقدم في باب الجماعة قال الحافظ ابن حجر لكن هل يجتمع التضعيفان أو لا؟ محل بحث انتهى
ونحن نرى اجتماع التضعيفين ولا مجال للبحث فلكل منهما أفضلية ومزية مبنية على سبب وفعل والوعد صريح في كل منهما ولا حجر على فضل الله
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - استدل بالحديث على تفضيل مكة على المدينة لأن الأمكنة تشرف بفضل العبادة فيها على غيرها مما تكون العبادة فيه مرجوحة وهو قول الجمهور ويؤيده ما أخرجه أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة التفت إليها وقال "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" وهو حديث صحيح وذهب جماعة إلى تفضيل المدينة على مكة وهو المشهور عن مالك وبعض أصحابه وذهب جماعة إلى تفضيل مكة على المدينة باستثناء البقعة التي دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم فقد حكى الاتفاق على أنها أفضل البقاع