للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفات خلقية جسمية وصفات خلقية متأصلة لا تتغير في صاحبها بكلمة

نخلص من هذا بأن المولود يولد من حيث العقيدة الدينية على البراءة الأصلية على الصلاحية المطلقة يولد كالماء العذب إن أضيف إليه الملح أو المر صار ملحا أو مرا وإن أضيف إليه السكر صار حلوا وإن لم يضف إليه شيء وبقي بعيدا عن التلوث والتأثر بقي صالحا وهكذا كل مولود من بني آدم يولد متمكنا من الهدى متهيئا لقبول الدين الصحيح مستعدا للاتجاه الحق لكن بيئته تؤثر فيه إما تثبيتا على النقاء واستمرارا له وزيادة فيه وإما تحريفا وتلوينا وتغييرا البيئة تؤثر فيه منذ يفتح عينه وتسمع أذنه وتحس بقية حواسه فلو أخذنا مولودا مسلما ومولودا يهوديا منذ تلك اللحظة وربيناهما بين أبوين مسلمين أو بين أبوين يهوديين لكان التأثر العقائدي واحدا فيهما

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول "كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" فيصبح يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا بالتربية لا بأصل الخلقة فأصل الخلقة من حيث العقيدة واحد {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}

قد يكون الوضع واضحا ومقبولا إلى لحظة الولادة ولكن ما هو الوضع من حين الولادة لحين التمييز ثم لحين البلوغ وهذه فترة ما قبل التكليف أيعتبر يهوديا إذا ربي بين يهوديين ويكون من أهل النار إذا مات قبل البلوغ على اعتبار أنه تلوث بالتربية أو لا يتحمل مسئولية ويكون من أهل الجنة؟ أو لا يكون من أهل هذه ولا تلك لأنه لم يعمل صالحا؟ ولم يبق على نقائه فيدخل الجنة؟ وليس مسئولا عن تلويثه فلا يدخل النار؟ تلك هي المشكلة الغيبية التي سنتعرض لها بالتفصيل في فقه الحديث

لكن الجدير بالإشارة أن هذه المسألة شيء والحكم عليه بالأحكام الدنيوية شيء آخر فما دام ابن يهودي لا يصلى عليه إذا مات ولا يدفن في مقابر المسلمين ويرث اليهودي وهو يرثه ويسبي ويملك في الحروب

<<  <  ج: ص:  >  >>