أما الصلاة عليهم {وصل عليهم} أي الدعاء لهم فإنه يستحب للإمام ولعامل الصدقة ولآخذها أن يدعو للمتصدق بالنماء والبركة في ماله ويرجى أن يستجيب الله ذلك
وإنما قاتلهم أبو بكر ولم يعذرهم بالجهل لأنهم نصبوا القتال فجهز إليهم من يدعوهم إلى الرجوع وأقام عليهم الحجة فلما أصروا قاتلهم وهذا هو حكم الإسلام فيهم -أهل بغي وليسوا كفارا -وعلى ذلك فمن أقر بوجوب الزكاة وامتنع من أدائها أخذت منه قهرا فإن أضاف إلى امتناعه نصب قتال قوتل قتال البغاة
وفي ذلك يقول الإمام مالك في الموطأ الأمر عندنا فيمن منع فريضة من فرائض الله تعالى فلم يستطع المسلمون أخذها منه كان حقا عليهم جهاده. اهـ
٢ - وبسط المناظرة أن عمر رأى أن القتال منفي بقول لا إله إلا الله فإذا قيلت وجب الكف وهؤلاء المانعون للزكاة يقولونها ولم ينظر عمر إلى الاستثناء "إلا بحقه" أو أنه فهم قصر الحق على ما ورد في الحديث الآخر "الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه والمفارق للجماعة" فبين له أبو بكر أن الزكاة حق المال وأن القضية قد تضمنت عصمة دم ومال معلقة بإيفاء شرائطها ثم قايس الزكاة على الصلاة فقال: أرأيت إذا لم يصلوا؟ وكأن قتال الممتنع من الصلاة كان إجماعا من الصحابة فرد الزكاة إليها وبذلك رد المختلف فيه إلى المتفق عليه
والظاهر من اعتراض عمر واستدلال أبي بكر بالقياس أنهما لما يحفظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء في الصحيح عن أبي هريرة بلفظ "ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا" وما جاء في الصحيح "ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا"
فإن عمر رضي الله عنه لو سمع ذلك لما خالف وما احتج بالحديث فإنه بهذه الزيادة حجة عليه