سواء أكانت من مكسوب المتصدق وبجهده، أم كانت من مكسوب غيره الطيب كمال الميراث، والمراد بالطيب الحلال، قال القرطبي: أصل الطيب المستلذ بالطبع ثم أطلق على المطلوب بالشرع، وهو الحلال. أهـ. قال تعالى {يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث.}
(ولا يقبل الله إلا الطيب) جملة معترضة بين الشرط والجزاء، تأكيدا للمطلوب على سبيل الحصر.
(فإن الله يتقبلها بيمينه) في رواية "إلا أخذها الله بيمينه" وفي رواية "فيتلقاها الرحمن بيده" وقد خاض كثير من العلماء في تأويل هذه العبارة، والأسلم إجراء الحديث على ظاهره، والإيمان بما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة من صفاته تعالى كما جاء على وجه الكمال من غير تشبيه. قال الحافظ ابن حجر: قال الترمذي في جامعه: قال أهل العلم من أهل السنة والجماعة: نؤمن بهذه الأحاديث، ولا نتوهم فيها تشبيها، ولا نقول: كيف؟ هكذا روي عن مالك وابن عيينة وابن المبارك وغيرهم. والله أعلم.
(ثم يربيها لصاحبها) قيل: المراد التربية المعنوية بتعظيم ثوابها ومضاعفته وقال الحافظ ابن حجر: والظاهر أن المراد تعظيم عين الصدقة، وزيادة جرمها حتى تصير كالجبل لتثقل في الميزان.
(كما يربي أحدكم فلوه) بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو، وهو المهر لأنه يفلى، أي يفطم، وقيل: هو كل فطيم من ذات حافز، والجمع أفلاء كعدو وأعداء، وضرب به المثل لأنه يزيد زيادة بينة وسريعة، ولأن الصدقة نتاج العمل وأحوج ما يكون النتاج إلى التربية إذا كان فطيما، فإذا أحسن العناية به انتهى إلى حد الكمال، وكذلك عمل ابن آدم، لا سيما الصدقة، فإن العبد إذا تصدق من كسب طيب لا يزال نظر الله إليها يكسبها نعت الكمال حتى تنتهي بالتضعيف إلى نصاب تقع المناسبة بينه وبين ما قدم نسبة ما بين التمرة إلى الجبل. وفي رواية "فلوه أو مهره" وفي أخرى "مهره أو فصيله" وفي ثالثة "مهره أو رضيعه أو فصيله".