للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقبض منه وتقول لجاريتها. أعطي هذا فلانة. أعطي هذا بيت فلان. حتى نفد ما في الكيس، فقالت لها جاريتها: ما أبقيت لنا شيئا نشتري به لحما نفطر عليه ونحن صائمتان؟ قالت لها: لو أذكرتني لفعلت.

لقد استقى عمر بن الخطاب هذا المبدأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان حين يأتيه المال غير الزكاة يعطي منه بعض الأغنياء، فكان إن أعطى عمر بعض المال فقال عمر -تعففا -أعطه من هو أحوج مني إليه يا رسول الله. قال صلى الله عليه وسلم: لم أعطكه زكاة لفقرك، ولكن لتتموله وتتصدق منه. فقبله عمر وهو غير مستريح فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزيل ما في صدر عمر، فقال: إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير متطلع إليه، ولم تسأله فخذه حلالا طيبا، وإذا أعطي سواك من هو أغنى منك ولم تعط أنت فلا تغضب، ولا تمكن عينيك إليه، ولا توجه نفسك نحوه ولا تقل في سرك: لماذا لم يعطني؟ ولا ليته أعطاني.

-[المباحث العربية]-

(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول) هذا التعبير يفيد ظاهره التكرار وكأن عمر كان يرد ما يعطاه بعد أن أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالأخذ لكن هذا الظاهر غير مراد، فقد أوضحته رواية البخاري في الأحكام، ولفظها "حتى أعطاني مرة مالا فقلت: أعطه من هو أفقر مني فقال: خذه فتموله وتصدق به" فكان عمر يأخذ دون اعتراض، فلما اعترض وأجيب عاد يأخذ من غير اعتراض.

(إذا جاءك من هذا المال) أي المال الذي يقسمه الإمام.

(وأنت غير مشرف) الإشراف على الشيء التعرض له، والتطلع إليه، والحرص عليه. من قولهم أشرف على كذا إذا تطاول له، وقيل للمكان المرتفع: شرف. لذلك.

(وما لا فلا تتبعه نفسك) فعل الشرط محذوف للعلم به من الكلام السابق أي وما لم يأتك فلا تتطلع إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>