يتعرض الحديث إلى تطهير المتنجس، ويحسن بنا أن نستعرض باختصار مذاهب العلماء في التطهير، والتعبير الدقيق أن نطلق على عين النجاسة وجرمها لفظ "نجس" وعلى ما أصابته من مائع أو جامد لفظ "متنجس".
والعين النجسة لا تطهر، إلا ما كان من جلود الميتة، على خلاف بين العلماء، أما ما كان من العين النجسة، كالبول والعذرة فإنه لا يطهر في ذاته وكل ما نفعله إذا أصاب ثوبا أو جامدا أن نزيله ونحوله عنه، وإذا أصاب مائعا أو ماء أن نكثر المائع أو الماء، كثرة تضعف أو تخفي تأثيره، فيصلح المائع أو الماء للاستعمال.
وإزالة النجاسة لا تجوز إلا بالماء عند الشافعية والجمهور، وأصح الروايتين عن أحمد، وهو منقول عن مالك، وقال أبو حنيفة: يجوز إزالة النجاسة من الثوب والبدن بكل مائع كالخل وماء الورد.
ولو وقعت النجاسة في جامد كالفارة تموت في السمن أخرجت وما حولها وانتفع بالباقي.
والحديث الذي نحن بصدده في النجاسة تقع على الأرض، فالحنفية يرون أنه إذا أصابت الأرض نجاسة رطبة كالبول، فإن كانت الأرض رخوة صب عليها الماء حتى يتسفل فيها، وإذا لم يبق على وجهها شيء من النجاسة وتسفل الماء حكم بطهارتها، وإن كانت الأرض صلبة، فإن كانت عالية هرمية حفر في أسفلها حفيرة، ويصب الماء عليها ثلاث مرات ويتسفل إلى الحفيرة ثم تكبس الحفيرة. وإن كانت مستوية بحيث لا يزول عنها الماء لا يغسل لعدم الفائدة في الغسل، بل يحفر مكان النجاسة، واستدلوا ببعض روايات الحديث، فعند الدارقطني "احفروا مكانه"، ثم صبوا عليه ذنوبا" وعند أبي داود "خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه، وأهريقوا على مكانه ماء" وفي مصنف عبد الرزاق "احفروا مكانه، واطرحوا عليه دلوا من ماء".