وهذا لا يتعارض ولا يتنافى مع حل الغنائم والتمدح بأخذها وأكلها وجعلها من فضائل هذه الأمة إذ لا يلزم من تحريمها على الأمم قبلنا أن يكون أجر جهادهم أكبر من أجر جهادنا ولا يلزم من حلها لنا ونقصها لثواب جهادنا بعض الشيء ألا تكون ممدوحة فقد استعين بها على قوة شوكة الإسلام وتحطيم شوكة الكفر فهي خير للمسلمين عجل لهم لصالحهم وصالح الإسلام
ولا يعترض على ما قررناه من أن الغنيمة تنقص الأجر بأن أهل بدر مع غنيمتهم خير من أهل أحد مثلا مع عدم اغتنامهم فعقد هذه المقارنة غير سليم لأن الشبه غير قائم بين الفريقين فيما عدا الغنيمة بل المقارنة الصحيحة أن يقال أن أهل بدر مع غنيمتهم يتساوون في الأجر مع أنفسهم لو لم يغنموا فالمقارنة الصحيحة الخاصة بما نحن بصدده تكون بين أهل بدر في حال الغنيمة وبينهم أنفسهم في حال عدم الغنيمة أما المقارنة بينهم وبين المجاهدين في الغزوات الأخرى فلا تصلح لأنهم لا يساويهم مع غنيمتهم غزاة غيرهم غنموا أو لم يغنموا فأجر البدريين أضعاف أجر من بعدهم لكونهم وضعوا اللبنة الأولى الجبارة في اشتهار الإسلام وإعزاز أهله في أول غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
١ - تفخيم شأن الجهاد في سبيل الله
٢ - استعمال التمثيل والتنظير لتقريب المراد إلى أذهان المخاطبين
٣ - أن الفضائل لا تدرك دائما بالقياس بل هي تفضل من الله تعالى
٤ - الحث على الإخلاص في العمل وابتغاء وجه الله عند فعل الصالحات وتصفيتها من شوائب الرياء والسمعة فالأعمال الصالحة لا تستلزم الثواب لمجرد وقوع أعبائها لذا ورد في بعض الروايات لهذا الحديث عند مسلم تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا جهاد في سبيله وتصديق كلمته وسيأتي بعد حديث أنواع المجاهدين ومن منهم المجاهد المقصود بالأجر المذكور والله أعلم