يقول جل شأنه {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} نعم الإنسانية كلها من أب وأم لكنها في سلوكها وأخلاقها تختلف حتى تشتهر قبيلة بالكرم وأخرى بالشح والبخل وتشتهر قبيلة بالأما-نة وأخرى بالخيانة وتشتهر قبيلة بالحلم وتشتهر أخرى بسرعة الغضب وهكذا في الصدق والكذب وفي الشجاعة والجبن فكانت الإنسانية من حيث السلوك معادن يختلف بعضها عن بعض يعلو بعضها بمكارم الأخلاق ويهبط بعضها بسفاسفها فمن كان على مكارم الأخلاق قبل الإسلام ثم أسلم وتفقه في الدين كان خير الناس فمن كان سيدا وعزيزا في الجاهلية بأخلاقه زاده الإسلام عزا لكن عليه أن لا يدفعه ذلك إلى التطلع للإمارة والولاية فهي في الإسلام حمل وعبء ومسئولية من يسألها ويحرص عليها لا يولى وإن ولي لا يعان عليها فالعقلاء والمتدينون ومقدروا المسئولية يكرهونها ويخشون الوقوع فيها فإذا وقعوا فيها جندوا أنفسهم لرعايتها حق رعايتها وسألوا الله الإعانة والتوفيق والسداد
أما النفعيون والانتهازيون وأصحاب المصالح الشخصية العاجلة الذين يتلونون لكل أمير ويلبسون من الأقنعة ما يناسب كل راء ويأتون هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فأولئك شرار الخلق لا خلاق لهم في الدنيا وما لهم في الآخرة من نصيب
-[المباحث العربية]-
(تجدون الناس معادن) الخطاب للصحابة أو لكل من يتأتى خطابه أي تجد أيها المخاطب في كل زمان ومكان الناس معادن وجاء في رواية الناس معادن أي في حقيقتهم معادن أدركتم ذلك أو لم تدركوا والمعادن جمع معدن وهو الشيء المستقر في الأرض وفي الكلام تشبيه بليغ حذف منه الوجه والأداة والأصل الناس كالمعادن في تفاوت