الخلق الأول اختيار أسهل الأمرين وأيسرهما فالدين يسر وفي القرآن {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}
ومن الواضح أن التخيير إنما يكون بين أمرين مباحين فلا تخيير بين مندوب ومباح ولا بين مكروه ومباح نعم قد يصح بين الأولى وبين خلاف الأولى من حيث إن كلا منهما لا إثم فيه والإثم على هذا أمر نسبي لا يراد منه الخطيئة فما هو إثم بالنسبة لمقام النبوة قد لا يكون كذلك بالنسبة للعامة فهو من قبيل قولهم حسنات الأبرار سيئات المقربين
فالتخيير من قبل الله تعالى لا يكون بين ما فيه إثم وبين ما لا إثم فيه بل لا بد أن يكون بين جائزين وإن كان أحدهما أولى وأفضل من حيث إن الثاني قد يفضي إلى الإثم وقد مثل له الحافظ ابن حجر بأن يخيره بين أن يفتح عليه من كنوز الأرض ما يخشى من الاشتغال به عن التفرغ للعبادة وبين أن لا يؤتيه من الدنيا إلا الكفاف فيختار الكفاف وإن كانت السعة والكنوز أسهل منه أهـ
ومثال اختيار الأسهل فطره صلى الله عليه وسلم في السفر واحتجابه عن صلاة قيام رمضان جماعة في المسجد
هذا ما يتعلق بتخيير الله تعالى له بين أمرين دينيين أو دنيويين أما التخيير من قبل العباد فقد يكون بين ما فيه إثم وما لا إثم فيه فيختار ما لا إثم فيه وإن كان أشق وأشد فإن كان بين أمرين لا إثم فيهما اختار الأسهل صلى الله عليه وسلم
الخلق الثاني العفو عند القدرة وعدم الانتقام لخاصة نفسه ويمكن تقسيم الجرائم التي ينتقم لها أو لا ينتقم إلى
١ - جريمة في حقه وفي حق الله كالكفر مع إيذائه صلى الله عليه وسلم من أجل دعوته إلى الإيمان والمبالغة في عدائه وعداء دعوته مع الإصرار والاستدامة على الكفر فينتقم صلى الله عليه وسلم من صاحب هذه الحالة لكن بنية الانتقام لله مثال ذلك أمره صلى الله عليه وسلم بقتل عقبة بن أبي معيط وعبد الله بن خطل