وفد نجران شأنهم شأن كثير من الوفود التي قدمت بعد أن ذاع أمر الإسلام وقويت شوكة المسلمين جاء عشرون رجلا على رأسهم رجلان رجل يلقب بالسيد واسمه الأيهم وكان رئيسهم في مجتمعاتهم ورجل يلقب بالعاقب واسمه عبد المسيح وكان صاحب الرأي والمشورة فيهم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فلم تلن له قلوبهم وانصرفوا من يومهم ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانون آية من أول سورة آل عمران إحداها تقول {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فلما عادوا في اليوم الثاني قرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية وقال لهم إن أنكرتم ما أقول فهلم أباهلكم أي ألاعنكم أي يقول كل منا ألا لعنة الله على الظالمين فانصرفوا يتشاورون فلما أصبح الصباح خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد الحسن والحسين ليباهل الوفد وقال لأصحابه لقد أتاني البشير يبشرني بهلاك أهل نجران إن هم أقدموا على المباهلة وجاء الوفد ورئيساه العاقب والسيد فقال أحدهما لصاحبه والله لا نباهله أبدا لأنه لو كان نبيا ولاعناه لن نفلح أبدا نحن ولا أولادنا من بعدنا قال الآخر وهل نستجيب لما يطلبه منا إنه يطلب جزية في مقابل حمايته لنا مع بقائنا على ديننا إنه يطلب ألفي حلة في العام ألفا في رجب وألفا في صفر ومع كل حلة أوقية من ذهب إنها جزية كبيرة قال له صاحبه لكنها أهون علينا من المباهلة وأهون علينا من الدخول في دينه فذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولان له لن نباهلك ولكنا سنعطيك ما طلبت من الجزية فابعث معنا رجلا أمينا
نسلمها له ولا تبعث معنا إلا أمينا فقال صلى الله عليه وسلم كل المسلمين أمين وسأبعث معكم رجلا أمينا حق أمين وأعظم أمين وبات المسلمون كل يتطلع لأن يكون هو المبعوث ليحظى بهذا الشرف الكبير أمين حق أمين فلما أصبحوا وانتظر الصحابة من يكون صاحب هذا الشرف قال صلى الله عليه وسلم قم يا أبا عبيدة بن الجراح فاذهب معهم والتفت إليهم وقال هذا أمين هذه الأمة