للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٢ - حدثنا محمد بن يوسف، ثنا أبو قرة قال: بلغني عن معمر، عن أيوب، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة-يزيد أحدهما على الآخر -عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: «يا معشر الشباب سلوني، فإني أوشك أن أذهب من بين أظهركم، فأكثر الناس مسألته، فقال له رجل: أصلحك الله، أرأيت المقام أهو كما نتحدث؟ قال: وما كنتم تتحدثون فيه؟ قال: كنا نقول إن إبراهيم عليه السلام حين جاء عرضت عليه امرأة إسماعيل النزول فأبى أن ينزل فجاءت بهذا الحجر له، فقال: ليس كذلك، قال سعيد بن جبير: قال ابن عباس: إن أول ما اتخذت النساء المناطق من قِبَلِ أم إسماعيل، فاتخذت مِنْطَقًا لتخفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم عليه السلام وبابنها إسماعيل، وهي ترضعه، حتى وضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفل إبراهيم عليه السلام منطلقا، فتبعته أم إسماعيل، وقالت: يا إبراهيم، أين تذهب، وتتركنا بهذا الوادي، الذي ليس فيه أنيس، ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارا، وجعل لا يلتف إليها، فقالت: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم، فقالت: إذا لا يضيعنا، فانطلق إبراهيم عليه السلام حتى إذا كان عند الثنية، لا يرونه، فاستقبل إبراهيم بوجهه، ثم دعا بهؤلاء الدعوات، ورفع يديه، فقال: إي رب! {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: ٣٧]، وجعلت أم إسماعيل ترضع ابنها، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السقاء، عطشت، وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يلتوي، أو نحو ذلك فانطلقت كراهية أن تنظر إليه» (١).


(١) ـ حديث صحيح: وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ٦٥٤) للمصنف. وقد أخرجه عبد الرزاق (٩١٠٧ - ومن طريقه البخاري (٣٣٦٤) - عن معمر، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري أيضا (٣٣٦٥) من طريق كثير وحده عن سعيد، به. وأخرجه أحمد والنسائي وابن أبي حاتم والبيهقي وغيرهم من طرق عن سعيد بن جبير، وانظر الحديث السابق.

<<  <   >  >>