قلت: وقد ذكر ابن حبان الحديث في ترجمة أبي بشر هذا، وقال: كان ممن يضع المتون للآثار ويقلب الأسانيد للأخبار حتى غلب قلبه أخبار الثفات وروايته عن الأثبات بالطامات على مستقيم حديثه فاستحق الترك ولعله قد أقلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث وقد روي روي نحوه من حديث أنس بن مالك، أخرجه ابن عدي في "الكامل" (٦/ ٤٠)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٧/ ٤٨٥ و ٥٢١)، والديلمي في "مسنده" - كما في "الغرائب الملتقطة" (ق ١٥٤) -من طريق أبي عقال، عن أنس بن مالك قال بينما نحن نطوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رأينا بردا ويدا فقلنا يا رسول الله ما هذا البرد واليد قال وقد رأيتم ذلك فقلنا نعم فقال ذلك عيسى بن مريم سلم علي. ومن طريق ابن عدي أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (١/ ٢٠٥)، وقال: هذا حديث ليس بصحيح. قال ابن حبان: أبو عقال يروي عن أنس أشياء موضوعة ما تحدث بها أنس قط لا يجوز الاحتجاج به بحال. والأصل الصحيح لهذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عيسى بن مريم عليه السلام مناما فقد أخرج مالك في الموطأ ومن طريقه البخاري ومسلم عن نافع، عن عبد الله بن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أراني الليلة عند الكعبة، فرأيت رجلا آدم، كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال، له لمة، كأحسن ما أنت راء من اللمم، قد رجلها، فهي تقطر ماء، متكئا على رجلين أو على عواتق رجلين، يطوف بالكعبة، فسألت من هذا؟ قيل: هذا المسيح ابن مريم ... الحديث.