ثالثها: مثله لكن مع الإصرار فلا تكفر إذا قلنا إن الإصرار على الصغائر كبيرة.
رابعها: أن يأتي بكبيرة واحدة وصغائر.
خامسها: أن يأتي بكبائر وصغائر، وهذا فيه نظر يحتمل إذا لم يجتنب الكبائر أن لا تكفر الكبائر بل تكفر الصغائر، ويحتمل أن لا تكفر شيئًا أصلًا، والثاني أرجح؛ لأن مفهوم المخالفة إذا لم تتعين جهته لا يعمل به، فهنا لا تكفر شيئًا إما لاختلاط الكبائر والصغائر أو لتمحض الكبائر أو تكفر الصغائر فلم تتعين جهة مفهوم المخالفة لدورانه بين الفصلين فلا يعمل به، ويؤيد أن مقتضى تجنب الكبائر أن هناك كبائر، ومقضى ما اجتنبت الكبائر، إن لا كبائر فيصان الحديث عنه ... اهـ.
وقال الحافظ أيضًا (٨/ ٣٥٧): وتمسك بظاهر قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود: ١١٤] والمرجئة وقالوا: إن الحسنات تكفر كل سيئة كبيرة كانت أو صغيرة، وحمل الجمهور هذا المطلق على المقيّد في الحديث:«إن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر»، فقالت طائفة: إن اجتنبت الكبائر كانت الحسنات كفارة لما عدا الكبائر من الذنوب وإن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئًا، وقال آخرون: وإن تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئًا منها وتحط الصغائر وقيل المراد بالحسنات ما تكون سببًا في ترك السيئات كقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: ٤٥]، لا أنها تكفر شيئًا حقيقة، وهذا قول بعض المعتزلة، وقال ابن عبد البر: ذهب بعض أهل العصر إلى أن الحسنات تكفر الذنوب. قلت: تقدم أن المراد بعصريه ابن حزم وتقدم قوله.