بِنِيَّةِ الْآخَرِ، وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّ مَا اشْتُرِطَ لَهُ الطَّهَارَةُ أَعْلَى مِمَّا اشْتُرِطَ لَهُ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى، وَقَالَ الْقَاضِي يَسْتَبِيحُ بِنِيَّةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ جَمِيعَ النَّوَافِلِ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ نَافِلَةٌ فَهِيَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ تَيَمَّمَ الصَّبِيُّ لِصَلَاةٍ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ لِنَافِلَةٍ، وَلَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَهَا. وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ قَبْلَهَا إِلَّا السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ لِئَلَّا يَصِيرَ النَّفْلُ مَتْبُوعًا بِخِلَافِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ فَإِنَّ نِيَّةَ الْفَرِيضَةِ تَتَضَمَّنُهَا.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: (التُّرَابُ، فَلَا يَتَيَمَّمُ إِلَّا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ) هَذِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ إِلَّا بِالتُّرَابِ خَاصَّةً، وَعَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالرَّمْلِ، وَحَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى رَمْلٍ فِيهِ تُرَابٌ وَأَقَرَّهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى ظَاهِرِهَا، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّا نَكُونُ بِالرِّمَالِ الْأَشْهُرَ الثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ وَيَكُونُ فِينَا الْجُنُبُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ وَلَسْنَا نَجِدُ الْمَاءَ فَقَالَ: " عَلَيْكُمْ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ لِوَجْهِهِ ضَرْبَةً وَضَرَبَ الْأُخْرَى فَمَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنَّ اللَّهَ قَالَ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: ٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " هُوَ تُرَابُ الْحَرْثِ " وَلَفْظُهُ فِيمَا ذَكَرَ أَحْمَدُ " «أَطْيَبُ الصَّعِيدِ أَرْضُ الْحَرْثِ» "، وَمَعْنَى أَرْضِ الْحَرْثِ الْأَرْضُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الشَّجَرُ وَالزَّرْعُ. قَالَ أَحْمَدُ: " السِّبَاخُ لَا تُنْبِتُ وَالْحَجَرُ لَا يُنْبِتُ وَالْحَرْثُ يُنْبِتُ "، وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute