الملائكة فيسيرون بهم صفا في الجنة، حتى ينتهى بكل رجل منهم إلى منزلته التي أعدت له.
وقد روى هذا الأثر ابن أبي حاتم بسنده، عن وهب بن منبه، وزاد: فانظروا إلى موهوب ربكم الذي وهب لكم، فإذا هو بقباب في الرفيق الأعلى، وغرف مبنية من الدر والمرجان، وأبوابها من ذهب، وسررها من ياقوت، وفرشها من سندس وإستبرق، ومنابرها من نور، يفور من أبوابها وعراصها نور مثل شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري في النهار المضيء، وإذا بقصور شامخة في أعلى عليين من الياقوت يزهو نورها، فلولا أنه مُسَخر، إذًا لالتمع الأبصارَ، فما كان من تلك القصور من الياقوت [الأبيض، فهو مفروش بالحرير الأبيض، وما كان منها من الياقوت الأحمر فهو مفروش بالعبقري الأحمر، وما كان منها من الياقوت الأخضر] فهو مفروش بالسندس الأخضر، وما كان منها من الياقوت الأصفر، فهو مفروش بالأرجوان الأصفر منزه بالزمرد الأخضر، والذهب الأحمر، والفضة البيضاء، قوائمها وأركانها من الجوهر، وشُرُفها قباب من لؤلؤ، وبروجها غُرَف من المرجان. فلما انصرفوا إلى ما أعطاهم ربهم، قُرّبت لهم براذين من ياقوت أبيض، منفوخ فيها الروح، تَجنَبها الولدان المخلدون بيد كل وليد منهم حكمة بِرْذَون من تلك البراذين، ولجمها وأعنتها من فضة بيضاء، منظومة بالدر والياقوت، سُرُوجها سُرُرٌ موضونة، مفروشة بالسندس والإستبرق. فانطلقت بهم تلك البراذين تَزَف بهم ببطن رياض الجنة. فلما انتهوا إلى منازلهم، وجدوا الملائكة قُعُودًا على منابر من نور، ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم ويهنئوهم كرامَةَ ربهم. فلما دخلوا قصورهم وجدوا فيها جميع ما تَطَاول به عليهم وما سألوا وتمنوا، وإذا على باب كلّ قصر من تلك القصور أربعة جنان، [جنتان] ذواتا أفنان، وجنتان مُدْهامتان، وفيهما عينان نضاختان، وفيهما من كل فاكهة زوجان، وحور مقصورات في الخيام، فلما تَبَيَّنُوا منازلهم واستقروا قرارهم قال لهم ربهم: هل وجدتم ما وعدتكم حقا؟ قالوا: نعم ورَبِّنَا.
قال: هل رضيتم ثواب ربكم؟ قالوا: ربنا، رضينا فارض عنا قال: برضاي عنكم حللتم داري، ونظرتم إلى وجهي، وصافحتكم ملائكتي، فهنيئًا هنيئًا لكم، {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}[هود: ١٠٨] ليس فيه تنغيص ولا تصريد. فعند ذلك قالوا: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، وأدخلنا دار المقامة من فضله، لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها