وعندنا - يجب مسح جميعه فاحتاج أن يجدد الماء حتى يتممه بثلاث مسحات؛ لأن أرض الحجاز حارة، والريح بها يجفف، والمياه قليلة يشفق الإنسان في استعمالها، فإذا كان هذا محتملاً مع كون لفظ مسح لفظ فعل لا يقع إلاَّ على فعلة واحدة لم يترك بهذا المحتمل ظواهر الأحاديث، ومداومته ﵇ على الفرق بين الغسل والمسح مثل هذا.
دليل من القياس: اتفقنا في التيمم على المرة الواحدة، والمعنى في ذلك: أنه مسح في طهارة، فكل مسح في طهارة مثله، سواء كان مسحاً بماء أو بغير ماء، فإن المستحب فيه مرة واحدة.
وإن شئت قسته على مسح الخفين والجبائر؛ بعلة أنه مسح بالماء.
فإن قيل: لأصحابنا في الخف والجبائر وجهان.
قلت: الصحيح منهما ما قلناه.
فإن قيل: نحن نقيس ذلك على غسل الوجه؛ بعلة أنه عضو تعبدنا بمباشرته بالماء فإذا كان المستحب فيه ثلاثاً كان الرأس مثله.
قيل: قد حصل لنا قياس بإزاء هذا القياس، ولنا فضل الترجيح، وهو أن قياسنا يسند إلى مداومة فعل النبي ﷺ في مسحه الرأس واحدة، وإلى فعل الصحابة ﵃ الأكثر في أكثر أفعالهم.