للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى أنها تعمل في إباحة لحمه أيضا، لأن من اضطر إلى أكل لحم الكلب والحمار جاز له ذبحه وأكله بعد الذبح فقد فسد قولكم.

فأما المجوسي فالمنع في ذكاته لأجل دينه، ولهذا المعنى استوى حكمه فيما يؤكل لحمه وما لا يؤكل، وفي مسألتنا نرجع إلى المذبوح فالأمر فيه مختلف. ألا ترى أن ذبح ملك الغير بغير إذنه لما كان النهي عنه يعود إلى نفس المذبوح دون غيره لم تمتنع الذكاة فيه، وكذلك النهي متى توجه إلى الآلة، مثل السكين المغصوبة كان أخف منه إذا توجه إلى غيرها، فلم يجز قياس أحد الموضوعين على الآخر، وكذلك المحرم منع من ذكاة الصيد بمعنى فيه من جهة الدين، وفعل غيره أخف من فعله.

فإن قيل: ليست الذكاة من الدباغة في شيء؛ لأن الدباغة تصح ممن لا تصح منه الذكاة، والذكاة تصح في موضع لا تصح فيه الدباغة، والدباغة تصح في موضع لا تصح فيه الذكاة، ويعتبر في الذكاة صفة المذكي والآلة والموضع.

قيل: هذا لا دلالة فيه؛ لأن اختلافهما لا يمنع من تساوي حكم الذكاة والدباغ في حكم جلد ما يؤكل لحمه؛ إذ لا فرق بين أن يذكي ويطهر، وإن مات دبغ وطهر.

ولأن الذكاة على ضربين: أحدهما: في السمك، وهي تحصل بأخذه ولا تعتبر فيه الآلة ولا الموضع ولا صفات الآخذ له، وذلك كله معتبر في الذكاة التي هي الذبح، ولم يكن اختلافهما مانعا من تأثيرهما في إباحة الأكل، فكذلك مخالفة الدباغة للذكاة في هذه الوجوه لا يمنع تساويهما في حكم التطهير، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>