ثم إذا جاز أن يكون أقل النفاس دفعة من كان في الحيض أجوز؛ لن دم النفاس يجتمع في الرحم على الحمل ويكثر، فكان ينبغي أن لا يتعدى بقليله بل يزاد في أقله كما زيد في أكثره، وأن ينقص من قليل الحيض كما نقص في أكثره عن النفاس، فلما اعتدل بالأقل في النفاس كان في الحيض أولى.
وما ذكروه من أن دفعة من دم قد وجد في النفاس، فمثله قد وجد في الحيض، وما حجتنا فيه إلا الوجود.
فإن قال شافعي: إن الأصول تشهد لقولنا، وذلك أن الحيض يسقط الصوم والصلاة فوجب أن يكون أقله محيطا بإسقاط هذه الفرائض، وأقل زمان يسقط هذه - عندنا وعندكم - يوم وليلة.
قيل: هذه دعوى. على أن جنس الحيض يسقط جنس الصلاة والصيام، ولما لم يتخصص بصلاة دون صلاة في أكثره لم يتخصص بزمان دون زمان في أكثره ولا في أقله. على أن هذا يلزم في أقل النفاس.
فإن قيل: أكثره مقدر فكذلك أقله.
قيل: دفعة من دم مقدرة فهي كالنفاس سواء، وهذا ينقض ما قالوه، وبالله التوفيق.