أحدهما: أن تقدير الأربعين في مدة النفاس لا يتوصل إليه إلا من طريق التوقيف، فصار هذا كروايتهم عن النبي ﵇.
والثاني: أن هذا القول نقل عنهم من غير خلاف من نظرائهم فتصير مَسْأَلَة إجماع.
ولأن المقادير التي تتعلق بها حقوق الله - تعالى - على غير وجه الفصل بين القليل والكثير لا يتوصل إلى إثباته إلا من جهة التوقيف أو الاتفاق، وقد حصل الاتفاق على الأربعين، وما فرق ذلك مختلف فيه فلا يصلح إثباته إلا بتوقيف أو اتفاق.
قيل: هذا [هو] الذي ذكرتموه عن هذه الجماعة ليس بأولى من صريح قول النبي ﷺ، وقد تأولناه، فهذا بالتأويل أولى.
وأما الوجه الآخر: فإنه لا يجري مجرى الإجماع إلا أن تكون فتيا ظاهرة تنتشر منهم في الصحابة فلا يخالفون، فأما حكايات عنهم تتأول فلا يجيء منها ما ذكرتم.
على أنكم أنتم لا تحكمون بفتوى الصحابي إذا انتشرت، حتى إن بعضكم لا يجعله حجة فكيف يجري مجرى الإجماع.