والدليل لقولنا: قوله تعالى -: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ وأن الله -تعالى - لما أراد منا استيفاء الغسل إلى هذا الحد، وعلم أنه لا يمكن تكلف إخراج الْمِرْفَقَيْنِ عنه لمقاربته، وأنَّه لا فصل بينهما أوجب غسل الْمِرْفَقَيْنِ.
كما أنه لما لم يكن بين النهار والليل فصل وجب إدخال جزء من اللَّيْل في حكم الصيام بِقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾، وكذلك لما لم يكن بين اللَّيْل والْفَجْر فصل وجب أن يدخل جزء من اللَّيْل في ابتداء الصيام في باب النية والإمساك، حَتَّى يحصلا مقدمين على الصوم الذي يجب من طلوع الْفَجْر؛ لأنه لو تكلف ابتداء الإمساك: حين يطلع الْفَجْر لشق ولم يمكن، فكذلك في الْمِرْفَقَيْنِ مع الذراعين.
فإن قيل: فينبغي ان يكون الوجب إدخال جزء منه لا جميعه كما ذكرتم في اللَّيْل والنهار.
قيل: المرفق، فتكلف إدخل بعض المرفق دون بعض يشق ولا يمكن وإذا لم يمكن، استيفاء الذراع إلاَّ بجزء من المرفق، ويشق تمييز ذلك الجزء منه لقلته في نفسه صار جميعه في حكم الجزء من اللَّيْل.