والجواب الآخر: هو أن بيانه قد حكيناه بيننا ظاهراً من قوله ﷺ«استقبلوا بمقعدتي القبلة».
فإن قيل: فيه جوابان:
أحدهما: أنه يجوز أن تكون حانت منه التفاتة فرآه، ولم يكن قاصداً لذلك، فنقل ما رأى، ومثل هذا يجوز كما لا يتعمد الشهور والنظر إلى الزنا ثم قد يجوز أن تقع أبصارهم عليه، ويجوز أن يحملوا الشهادة بعد ذلك.
والجواب الآخر: هو أنَّه يجوز أن يكون ابن عر قصد ذلك، ولكنه رأى رأسه ﵇ دون ما عداه من بدنه، ثم تأمل قعوده فعرف كيف هو جالس على اللبنتين؛ ليستفيد فعله ﵇، فنقل نا شاهد.
فإن قيل: يجوز أن يكون فعل ذلك لضرورة كانت به إلى ذلك.
قيل: هذا غلط؛ لأنَّه فعل ما كان نهى عنه، ونهيه إنَّمَا ينصرف إلى حال الاختيار دون الضرورة؛ إذ لا يجوز أن ينهى عما هو مضطر إليه؛ لأن التكليف لا يتعلق بالاضطرار، وقول الراوي: رأيته ﵇ قبل موته بعام يستقبلها لبول، معناه أنه استقبلها وهو على الحالة التي وقع النهي عنها، وإنَّما أراد الراوي أن يفيدنا جوازه على هذه الصفة لغير ضرورة.
وأيضاً فإننا رأينا الصحارى والفلوات لا تخلو في الغالب من مصل فيها، فمنع من استقبال القبلة أو استدبارها للحاجة؛ لئلا يرى