لكان فيه تنبيه على أنه يخفر في الدينار، وما هو أكثر منه؛ لأن في الدينار الدرهم والدانق، ولو قيل: إنَّه يخفر الأمانة في دينار لم يدل على أنه يخفرها في درهم أو دانق، لأنه ليس في الدرهم والدانق دينار، وقد قال -تعالى -: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾، فعلم أن من أدَّى الأمانة في القنطار كان أولى أن يؤديها في الدينار، ومن لم يؤدي الأمانة في الدينار، كان أولى أن لا يؤديها في القنطار، فكذلك أيضاً فيما عدا الروث والرمة من الظاهر، إذا ليس في الطهارات معنى الروث والرمة، فلم يقع التنبيه عليها، بل يقع التنبيه على ما في معناها من سائر النجاسات التي هي أعظم منها أو من الأشياء المبعدات المكرهات.
والوجه الثاني: هو أن قول الراوي: ونهى عن الروث والرمة استثناء من عموم قد تضمنه حكم اللفظ، ألا ترى أنه لو قال: استنجوا بثلاثة أحجار إلا الروث والرمة فلا تستنجوا بهما، [و] لكان المعنى تقديره كأنه قال: وليستنج بثلاثة أحجار، وبكل شيء جامد مثل الأحجار إلا الروث والرمة.
ولنا أيضاً حديث عبد الله بن مسعود أن النبي ﷺ رمى بالروثة