والذي يدل عليه: أنَّ المأمور به الإبقاء، وهذا معنى يرجع إلى المشاهدة وقد حصلت،، لن النبي بيَّن العلة في الروث أنها علف دوابهم - يعني الجن - والعظم طعامهم، فدل ذلك على أ، المنع لم يثبت فيه لحق الله - تعالى -، وإنما ثبت لحق الغير، فلم يمنع الإبقاء، مثل مَنْ غصب حجر غيره فاستنجى به، أو ماء غيره فتطهر به.
وعلى أن النهي فيه غير متعلق لمعنى في نفس المنهي عنه فلا يفيد الفساد، مثل البيع يوم الجمعة عند إتيانها، والصلاة في الدار المغصوبة وقياساً على الحجر بعلة وجود الإنقاء.
قيل له: نظير مسألتنا الماء النجس؛ لأنه لا يزول به الحدث، والماء المغصوب يُمنع منه لأجل حق الآدمي، فلما كان النهي عن الماء النجس من اجل حق الله - تعالى - كان العظم والروث مثله.
وقولكم: إن الإبقاء موجود مشاهد، فهو يوجد أيضاً بالماء النجس، ومع هذا لا يجوز.
ثم لا نسلم أن الإبقاء بالعظم، يصقله ويلبده في مكانه.
وقولكم: إن النبي علل بأن العظم والروث ممنوع لأجل حق الغير من الجن عنه جوابان:
أحدهما: إنه قد يجوز أن يكون علفهم الأشياء النجسة؛ لأنه لا عبادة عليهم، وليس كل ما تعلق به حكم الغير يجوز أن يتطهر به.