فإن قيل: ألا جعلتم ها بمنزلة المتيمم الذي يجد الماء قبل الصلاة فيجب عليه استعماله، ولو وجده في الصالة مضى على صلاته.
قيل: إن روية الماء ليس حدثاً، وإنما قلنا: إن الأحداث التي تنقض الطهارة لا فرق بين طُرُوِّها قبل الدخول في الصلاة وبعد الدخول فيها، والمتيمم - عندنا - حدثُه لم يرتفع قبل الصلاة ولا بعدها، وإنما قلنا يرجع قبل الصلاة إلى الماء حتى يرفع حدثه؛ لأن الطلب لا يسقط حتى يدخل في الصلاة، فيسقط عنه، فيمضي بالتيمم الذي يستبيح به الصلاة، فالعلة ههنا هي الطلب، فإذا لم يسقط الطلب رجع إلى الماء، وإذا سقط الطلب مضى، وإن كان حدثه لم يرتفع، والعلة في دم الاستحاضة خروجه عن الصحة، فأي موضع وجد لم يجب استئناف الطهارة، وإذا عدم وجبت الطهارة.
ولنا أيضاً الاعتبار الصحيح بدم الحيض ودم الاستحاضة؛ وذلك أن هذا الدم إذا خرج في زمانه على وجه العادة تعلقت به أحكام منها: ترك الصلاة والصيام وامتناع الوطء والغسل عند انقطاعه، فإذا خرج عن هذا الوجه، وصار دم فساد على ما قاله صاحب الشريعة ﵇ سقطت عنه هذا الأحكام، ولم يكون هذا إلاَّ لخروجه عن وجهه في العادة، فوجب أن تكون سائر الأحداث التي تتعلق عليها أحكام الطهارة