وأيضاً فإن هذه الأشياء لو كانت حدثاً لم يرتفع بالوضوء لها، لأنها تطرأ فيُنْقَضُ، فكلما توضأ نقضته، وكذلك في الصلاة فلا معنى لطهارة لا ترفع الحدث، وإن لم يكن حدثاً على ما نقول فلا معنى لتكرير الطهارة على من هو متطهر، وقد حصل الاتفاق على أن الطهارة بالماء إنما هي لرفع الحدث.
ويجوز أن نقيس دم الاستحاضة على دم الحجامة والفصاد بعلة أنه دم خارج من البدن لا يجب فيه غسل البدن فلم يجب فيه الوضوء لخروجه عنه العادة. وهذا الكلام إنما يلزم أبا حنيفة في قوله: يتوضأ لوقت كل صلاة.
فإن قيل: فقد اتفقنا على المذي المعتاد أنه ينقض الوضوء ويوجه، فكذلك هذا بعلة أنه خارج من السبيل غير متصل.
قيل: علة الأصل أنه خارج على وجه الصحة والعادة، وليس كذلك الفرع.
على أنه يسقط بما بيناه من مفارقة دم الحيض لدم الاستحاضة، وهو خارج من السبيل على والوجه الذي ذكرناه.