ويقوي اعتبارنا في التفريق بين المس والقبلة لشهوة وبين عدم الشهوة: ما نقوله في القبلة لشهوة إنها تحرم الربيبة، ولو كان لغير شهوة لم تحرمها، وهم يوافقوننا على ذلك، فقد صارت القبلة لشهوة تعمل عمل الجماع في التحريم.
ونقول أيضا: هو لمس لم تقصد به الشهوة فلم ينقض الوضوء. أصله مس الرجل للرج، والمرأة للمرأة.
فإن قيل: إن ما ينقض الطهر لا فرق فيه بين أن يوجد على وجه الشهوة أو غير وجه الشهوة، ألا ترى أن خروج المني لما نقض الطهر، لا فرق بين أن يخرج لشهوة، وهو عند الجماع، أو لغير شهوة وهو أن تكون به علة، أو يكون مغمى عليه، وكذلك البول والغائط، لما نقض الطهر لم يفترق الحكم بين خروجه لشهوة أو غيرها؛ لأن الإنسان إذا كان حاقنا بشدة البول التذ بخروجه، وكذلك لو سلس بوله فخرج لغير لذة.
قيل: أما ما ذكرتموه من المني فغلط؛ لأن الغسل لا يجب - عندنا - إلا في المني الذي تقارنه اللذة، فأما إن خرج لعلة ولم تقارنه لذة لم يجب فيه الغسل، فقد افترق الحكم.
وأما المغمى عليه فذلك كالنائم يجد اللذة ولكنه لا يعقل بها.