فقد عارضناهم بأكثر من ذلك عن الصحابة، وينبغي أن نستعمل أقوالهم حتى لا تتنافى، فقول من قال: فيه الوضوء. محمول على الاستحباب، وقول من خالف محمول على نفي الإيجاب، وهذا يجب في استعمال الأخبار عن النبي ﵇ إذا تعارضت.
فإن قيل: فلنا قياس بإزاء قياسكم، وهو أن هذا نجس خرج بنفسه من البدن إلى موضع يلحقه حكم التطهير، فوجب أن يوجب الوضوء، أصله الخارج من السبيلين.
وقولنا بنفسه، احترازا من القيئ القليل.
وأيضا فإن الخارج من البدن ينقض الطهر، كما أن الواصل إلى الجوف ينقض الصوم، ثم قد نقول: إنه لا فرق بين أن يخرج من أحد السبيلين أو من سائر البدن في نقص الصوم، فذلك أيضا لا فرق بين أن يخرج من أحد السبيلين أو من سائر البدن نقض الطهر.
قيل: أما القياس الأول ففاسد من وجوه.
أحدهما: أنه لا يستمر على أصلنا؛ لأن سلس البول والمذي والمني - عندنا - لا ينقض الطهر.