ومعنى ما قالت الأنصار: الماء من الماء بمعنى أن الاغتسال من الإنزال، والإنزال لا يطلق فيما خرج على غير وجه اللذة والدفق، وكلام النبي ﵇ يتوجه إلى ما خرج على العادة، وكذلك خرج كلامه في سائر الأحداث التي هي معتادة، كما حكم في الحيض وغيره، ثم لما سئل عما خرج عن العادة من دم الاستحاضة فرق بينه وبين دم الحيض.
فإن قيل: فإنه إنزال فوجب أن يتعلق به الغسل، كالإنزال المقارن للذة.
وأيضا: فإن المني يوجب الطهارة العليا، والبول يوجب الطهارة الصغرى، ثم لو بال الرجل بعض البول وبقي البعض ثم توضأ، ثم أرسل باقي البول وجب عليه أن يعيد الوضوء، وإن كان ذلك البول من بقية ذلك البول كالمني.
قيل: أما القياس على المني للذة فالمعنى في الأصل أنه خارج على وجه العادة، فهو كالحيض، وإذا خرج عن وجه العادة لم يجب الغسل كدم الاستحاضة، وهذا هو الاعتبار الصحيح، وقد قسناه على المذي وهو به أشبه.
وما ذكروه من البول، فعروضه من مسألتنا أن تبقي من المني بقية تخرج مقارنة للذة، كما خرج بقية البول على عادته. وعروض مسألتنا من البول أن يسلس بوله فيخرج عن عادته، فلا يجب عليه الوضوء - عندنا -.
فإن قيل: فإنه خارج من مخرجه، وهو مما يخلق منه الوالد، فأشبه ما خرج منه على وجه اللذة.