وأما قولهم: إن الطهور هو الطاهر المطهر، لا ما تكرر منه الطهارة فإننا نقول: إنما سمي بهذا الاسم، ووصف بهذه الصفة للمبالغة فيما يتكرر منه، كما قيل: سيف قتول، ورجل شكور، فإذا وصف بهذه الصفة لهذا المعنى لم تزل صفته باستعماله أول مرة؛ لأن هذه صفة طاهر مطهر، لا صفة طهور.
وأيضا فإن الله - تعالى - قال: ﴿وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به﴾، فهو على عمومه أينما وجد، وليس يخرج باستعماله عن كونه منزلا من السماء.
فإن قيل: إن هذا إخبار عن تطهيره حين ينزله من السماء، ونحن كذلك نقول.
قيل: تأخره بعد نزوله وبعد استعماله لا يخرجه أن يكون منزلا من السماء، فلا نخرجه عن صفته إلا بدليل، وهذا كقوله: ماء دجلة، لو استعملته لم يخرجه أن يكون ماء دجلة، وحيثما نقلته فهو كذلك.
وأيضا قوله - تعالى -: ﴿فلم تجدوا ماء فتيمموا﴾، وهذا واجد لما قد تناوله الاسم، فهو عموم حتى يقوم دليل. والنفي يتناول الجنس إذا كان نفيا في نكرة، فلما قال ﴿فلم تجدوا ماء فتيمموا﴾ دل على أنه إذا وجد ماء لم يتيمم.