لا يزول، والطهارة لا تتم إلا بغسل الأعضاء كلها. ألا ترى أنه لا يصح أن يصلي، ولا يكون متوضئا بغسل بعض الأعضاء وترك البعض مع القدرة؛ لأن الأعضاء كلها كالعضو الواحد في حكم الوضوء.
وقولكم: إن الماء ذو طبقات، خطأ من جهة المشاهدة؛ لأن الطبقة الأولى يذهب منها جزء، وينحدر باقيها على باقي العضو. فإن كان طبقات الثاني غير الأول، فما يفضل عن العضو هو طبقة أخرى غير مستعملة على حسابكم.
فإن قيل: فإن الله - تعالى - قال: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم﴾ الآية، فأمر - تعالى - بغسل اليد بما أمر به في غسل الوجه، فلما كان غسل الوجه بماء غير مستعمل كذلك سائر الأعضاء.
هذا استدلال الشافعي.
قيل: المقصود من الآية غسل اليدين كما يغسل الوجه بالماء، ولم يخص ماء من ماء وليس شط الوجه في الابتداء أن يكون بماء غير مستعمل. فإن اتفق في أول وهلة أن يستعمل ماء من دجلة أو الفرات فالوجه يقع بماء مفرد، وباليدان بغير ذلك الماء، فالماء الثاني غير مستعمل كما الوجه. وإن جمع ذلك الماء عن الأعضاء كلها فهو المستعمل، إن غسل منه فهو كماء يغسل منه اليد.