أحدهما: أنه ﵇، أراد ضرب المثل، أي كما ينغسل الدرن من الثوب فكذلك تنحات الذنوب بالغسل، لا أن الذنوب شيء يمناع في الماء ولا يؤثر في حكمه، وإنما يصير المتوضئ كمن لا ذنب له، فهذه الإضافة كما نقول ماء القرآن وماء الختمة.
ثم إننا نعلم أن الذنوب تنحات مع كل جزء منه عند غسل أول جزء مس الوجه أو اليد، ثم كل ما انحدر على جزء آخر هو كذلك، فينبغي أن لا تجزئه ما مر على الجزء الأول؛ لأنه ماء الذنوب.
والجواب الآخر: هو أن ابن عمر كان يجدد وضوءه لكل صلاة، ولولا زيادة الثواب وتحات الذنوب ما فعل ذلك، ومع هذا فإن الماء الذي جدد به وضوءه يجوز الوضوء به.
هذا يلزم أصحاب الشافعي؛ لأن أبا حنيفة وأبا يوسف يمنعون الوضوء بهذا الماء، والذي يلزمهما ما ذكرناه من ملاقاته كل جزء من العضو؛ لأنه - عندهم - نجس، ونحن نعلم أنه لو كان على أول جزء من يده نجاسة فمر عليها الماء ثم وصل إلى جزء آخر من العضو نجسه ذلك الماء، فكذلك ينبغي إذا مر الماء على الجزء الأول وصار نجسا ثم مر على جزء آخر أن ينجسه، فلما حكموا بطهارته ما لم ينفصل عن آخر العضو علم أنه لم ينجس، فكذلك لا يتنجس بانقطاعه عن العضو كله.
وأيضا فإن الأصول ترد هذا، وذلك أن الثوب فيه حكمان:
أحدهما: أنه طاهر، والآخر: كونه ساترا للعورة التي به نستبيح الصلاة مع القدرة، وفي المصلي حكما: أحدهما أنه طاهر، والآخر: أنه