يشرب ماء فشرب ما ورد لم يحنث، ولو شرب ماء الشجر، وماء الخلوق، وحلف أنه لم يشرب ماء لكان صادقا. ولو أمر غلامه أن يشتري له ماء ورد، فاشترى له ماء القراح لعصى وحسن منه تعنيفه وتوبيخه، ولو أمره أن يشتري له ماء، فاشترى ما ورد لكان مخالفا، فلو كان يطلق عليه اسم الماء، كماء القراح لجاز استعماله مع وجود ماء القراح. ولا أظنهم يقولون هذا، فإن قالوه فما قدمنا فيه كفاية.
ولنا أن نستدل بقوله - تعالى -: ﴿وأنزلنا من السماء ماء طهورا﴾، والطهور هو الطاهر في نفسه والمطهر لغيره، وقد دللنا عليه قبل هذا فيما مضى من المسائل، فلما خص الماء بهذه الصفة الزائدة وجب أن يكون مخصوصا بالحكم دون غيره.
وأيضا قوله - تعالى -: ﴿فلم تجدوا ماء فتيمموا﴾، فنقلنا من الماء المطلق إلى التيمم من غير واسطة.
وأيضا فإن النبي ﵇ والصحابة ﵃ كانوا يسافرون ويتعذر عليهم الماء، ومعهم أنواع من المائعات، مثل ماء الورد والخل وغير ذلك، فلم ينقل عن أحد منهم أنه توضأ بها، فعلم أنهم لم يفعلوا ذلك؛ لأنه لا يجوز.