فإن قيل: فإن الله - تعالى -: ﴿فلم تجدوا ماء﴾، وقال النبي ﵇:(أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات من ماء فإذا أنا قد طهرت)، ولم يخص ماء من ماء، ومن معه ماء ورد فهو واجد الماء، وليس إضافته إلى الورد بمخرج له عن الاسم، وهذا كما نقول: ماء دجلة وماء الفرات، وماء النهر، وماء الجب، وماء البئرة، وما أشبه ذلك، ومنزلة هذا: منزلة من حلف - عندكم - أن لا يأكل خبزا، فأكل خبزا وجبنا أو خبزا وملحا فإنه يحنث، ولا تكون إضافة الخبز إلى غيره بمخرج له عن اسم الخبر فكذلك هذا.
وأيضا فإننا رأينا الله - تعالى - يجري الماء في أوعية، فتارة يجريه في عين، وتارة في بئر، وتارة ينزله من السماء، وتارة يجريه في الشجر وعروقها، فلا ينبغي أن يخرج عن إطلاقه، وقد قال - تعالى - ﴿وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض﴾، وقال - تعالى -: ﴿فسلكه ينابيع في الأرض﴾، فكذلك يسلكه في الشجر وغيرها، فلا يخرج ذلك عن إطلاقه.
قيل: أما قوله - تعالى -: ﴿فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا﴾، وقوله ﵇:(أحثي على رأسي ثلاث حثيات من ماء)، فهو حجة لنا؛ لأن إطلاق اسم ماء لا يقع على ماء الورد، ولا يعقل منه ذلك لغة ولا شرعا، وأما إضافة الماء إلى قراره فلا معتبر به؛ لأن الإنسان إذا أخذه