للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

قد مضى في جملة الكلام على الأصم ما يلزم أبا حنيفة في الماء إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه من الورد أو الزعفران وإن كانت أجزاء الماء غالبة لأجزاء تلك الطهارات وأنا أفرد الكلام عليه.

فالدليل لقولنا: كون الإنسان على جملة الحدث، وكون الصلاة عليه بيقين فلا تقسط إلا بدليل.

وأيضاً قوله - تعالى -: {وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً}، وقوله: {فلم تجدوا ماءً فتيمموا}، وقوله - تعالى - {وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به}، فأطلق - تعالى - اسم الماء في هذه المواضع، وهذا فقد زال عنه إطلاق الماء حتى صار مقيداً بصفة مما حل فيه.

يدل على ذلك: أنه لو أمر غلامه بشراء ذلك، فجاءه بماء القراح عصاه، وحسن تعنيفه له، ولو قال له: اشتر لي ماء، وأسقني ماء، فجاءه بهذا الماء المتغير حسن تعنيفه له، وكان الغلام عاصياً بذلك.

وأيضاً قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابن مسعود: "هل معك ماء؟ " فقال: لا، ولكن معي ماء نبذت فيه تمراً. فلو كان اسم الماء في الإطلاق يتناوله لم يقل: ليس معي ماء. لكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينكر عليه، ويقول: هذا ماء، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>