ولو صح ذلك لكان الأشبه بها أن تكون خرجت على أسئلة سائليها كل سائل يسأل عن شيء فيجاب عنه، لا أنه قصد بذلك الحد؛ لأن الحدود لا تثبت بمثل هذا.
وجواب آخر: وهو أن القلة من الأسماء المشتركة؛ لأنها تقع في اللغة على الكوز؛ وتقع على الجرة، وعلى القربة، وعلى قلة الجبل، وغير ذلك، فصارت كقولنا عين ولسان، وكالأقراء فلا يصح ادعاء العموم في اسم مشترك، ولا صرفه إلى بعض ما يتناوله دون بعض إلا بدليل، ومن صرفه إلى بعضها جاز لآخر أن يصرفه إلى الوجه الآخر، فيجب الوقوف به حتى يثبت المراد منه، ولا يحتج بظاهره.
فإن قيل: فما الفائدة في ذكر القلة إذا كان لا فرق بينها وبين غيرها؟.
قيل: الفائدة في ذلك إن كان ابتداء من النبي ﷺ هو أن يعلمهم أن للماء خصيصة ليست لغيره من المائعات، فيكون قليله من القلة الصغيرة، وكثيره من القلة الكبيرة بمنزلة واحدة في أنه إذا حلت فيه نجاسة لم تغيره فهو على طريقة واحدة في طهارته، وأن غيره من المائعات بخلافه، إذا حلته نجاسة حمل الخبث سواء تغير أو لا، وإن كان ذلك من النبي ﵇ جوابا لسائل سأله فالفائدة فيه أنهم قد عقلوا أن الكثير من الماء إذا حلته نجاسة لم تغيره فإنه طاهر بخلاف المائعات، فأرادوا أن يعلموا أن فضيلته على غيره في قليله كهي في كثيره،