البراغيث الثوب والبدن أو الماء؛ لأن دم الرعاف معفو عنه إذا كان يسيرا في الثوب كدم البراغيث، وكذلك قليل من الدم إذا لم يكن مسفوحا بخلاف غيره م الأنجاس، فينبغي أن يستوي حكمه سواء حل في الثوب أو الماء؛ إذ لا يمكن التحرز منه، وقد عفي عنه، والبول وما أشبهه إذا خرج على وجه العادة يمكن التحفظ منه، غير أنه إذا أصاب الثوب والبدن تنجس، وليس حكمه في الماء كحكمه في الثياب والمائعات غير الماء؛ لأن الماء يطهر الأنجاس ما دام غالبا عليها، ويدفعها عن نفسه، فسواء كان قليلا أو كثيرا، أمكن حفظه أو لا. ألا ترى أن إزالة الأنجاس والأحداث به لا يفترق الحكم بين قليله وكثيره إذا لم يخالطه نجس، فكذلك إذا خالطته نجاسة لم تؤثر في عينه لم يفترق الحكم فيه بين قليله وكثيره؛ لأن الحكم له لغلبته على النجس.
وأما سائر المائعات غير الماء فإنما تنجست بقليل النجاسة سواء كانت قليلة أو كثيرة، وسواء حفظت في الأواني أو غيرها؛ لأنها لا تدفع النجاسة عن نفسها؛ لأن الأنجاس لا تزال بها، ولا يرتفع بها الحدث، لا لأنها تحفظ في الأوني؛ لأننا نعلم أن بعضها قد تعمل في غير الأواني مثل الحياض التي تنقع فيها التمور للخل، وعصير العنب الكثير، وما أشبه إنما يكون في الحياض، ثم تنقل إلى الأواني، ومع هذا فيسير النجاسة تنجسه سواء كانت المائعات قليلة أو كثيرة، محفوظة في الأواني أو غيرها؛ لأن جنسها لا تزال به النجاسة، ولا يرتفع به الحدث، والماء بخلافها، فإن لم تؤثر النجاسة فيه فهو