فإن قيل: فأي شيء الفائدة في هذا، وقد علنا أن الوضوء والجنابة في الثلاث بمنزلة.
قيل: قد كان يجوز أن يقع في أوهامنا أن الجنابة مزيةً على الوضوء في باب العدد؛ لأنَّه قد غُسل فيها ما كان مُسح فيه، وما لم يكن يغسُل ولا يمسُح، فقدَّر ﵇ للجنب ثلاثاً.
وجواب آخر: وهو أنَّه يجوز أن يكون ﵇ أراد تأكيداً من الجنابة، وان المضمة فيها أكد منها في الوضوء، وقد يعبر عن السنن المؤكدات بالفرض والواجب، ألا ترى أنه ﵇ قال:«غسل الجمعة واجب»، فدلَّ على أنَّه أراد التأكيد، ألا ترى أنَّهم رووا أنه قال:«هما سنتان في الوضوء»، ولم يذكر العدد.
وجواب آخر: وهو أنَّه ذكر في الخبر العدد الثلاث، واتفقنا أن الثلاث لا تجب، وليست بفريضة، فإذا جاز لهم أن يعدلوا عن ظاهر الوجوب في الثلاث بدلالة، جاز لنا أن نعدل عن ظاهر الوجوب بدلالة، فنقول: قد عارضه قوله ﵇: «أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات من ماء فإذ أنا قد طهرت»، أو نخصه بالقياس الذي تقدم.