على أنه لا يجوز أن يكون الخبر واردا إلا في جلود السباع التي لم تدبغ؛ لأن المقصود من جلود النمور شعرها، وهي إذا دبغت شعرها، فهي لا تدبغ، وإنما تستعمل غير مدبوغة.
وقولهم إن النبي ﵇ أقام الدباغة مقام الذكاة، وان الذكاة لا تعمل في السباع غلط علينا؛ لأن الذكاة تعمل في السباع ويستغنيى بها عن الدباغة إلا الخنزير. وأما الخنزير فإنما لم تعمل الدباغة في جلده؛ لأن الذكاة - التي هي أقوى منه، وهي الأصل - لا تعمل فيه، فلم تعمل الدباغة.
وأما قول داود في الانتفاع بجلد الخنزير إذا دبغ، فإنه احتج بقوله ﵇:(أيما إهاب دبغ فقد طهر)، فعم ولم يخص.
وأيضا فقد قال:(دباغه ذكاته).
فنقول: إن الذكاة في الأصل أقوى من الدباغة والدباغة إما أن تكون بدلا أو فرعا، وإذا لم تعمل الذكاة في جلد الخنزير كانت الدباغة أولى أن لا تعمل.
فإن قيل: فإنه حيوان طاهر - عندكم - ينجس بالموت فينبغي ان تعمل الدباغة فيه كسائر الحيوان الذي ينجس بالموت.