للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

﴿حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم﴾، وفي قوله - تعالى -: ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع﴾ كل واحد منها عام من وجه خاص من وجه، فكان تقديم قوله - تعالى -: ﴿حرمت علكم أمهاتكم﴾ أولى؛ لأنه قصد بها بيان الأعيان المحرمة، وقصد بقوله: ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء﴾ بيان العدد الذي يحل ولا يحل.

قيل: عن هذا جوابان:

أحدهما: أن قوله - تعالى -: ﴿حرمت عليكم الميتة﴾ يفيد تحريم ما يموت، والشعر لا يحله الموت، وإنما ينقطع نماؤه بموت ما يموت فلم نسلم لكم أن الشعر ميتة. ألا ترى - تعالى - استثنى في الميتة فقال: ﴿إلا ما اضطررتم إليه﴾، والضرورة تدعو إلى أكل الميتة، والشعر لا يؤكل، فثبت أن الميتة اسم لما عدا الصوف والشعر، وحصل النص في الامتنان بالصوف والشعر عاما، فلا يقضي عليه، فلا يخصه ذكر الميتة.

والجواب الآخر: هو أن الامتنان أيضا يقع بالانتفاع بالأعيان كما يقع تحريمها، فما أمكننا أن نحس موضع النعمة والمنة فهو أولى، وقد بينا أن المنة في سعة استعماله أولى، يشهد لما قلناه: التفرقة بينه وبين الميتة في حال حياة الحيوان فإن الشعر ينتفع به، وجلد الحية لا ينتفع به، وهو ميتة، والمنة في الشعر قد أباحته بخلاف الجلد، ولم يقضوا

<<  <  ج: ص:  >  >>