الدليل على وجوب غسل الإناء إذا أريد استعماله، وهو ما ذكروه من الاستدلال والقياس.
فإن قيل: فإذا كان هذا ورد في الكلب تغليظا من بين سائر الأنجاس وجب أن يثبت التغليظ فيه، فسواء أريد استعماله أو لا، حتى يبين من نظيره مما لم يقع التغليظ فيه.
قيل: إن التغليظ ورد في غسله سبعا إذا أريد استعماله، وغيره من الأواني لم يغلظ فيه بعدد، فالتغليظ من هذا الوجه قد حصل، وليس إذا وجب التغليظ من وجه وجب من كل وجه؛ لأنه لو وجب ذلك لوجب غسل الإناء سبعا، وأن يمنع بعد الغسل من استعماله أصلا حتى يكون أغلظ، فلما سقط هذا، وجاز استعماله بعد غسله علمنا أن التغليظ قصد على الوجه الذي ذكرناه، هذا لو كان غسله لنجاسة، فكيف وقد بينا أنه عبادة؟، فهو كالوضوء الذي يراد للصلاة، أو كغسل الطيب من ثوب المحرم إذا أراد الإحرام فيه.
ثم قد بينا في قوله ﵇:(طهور إناء أحدكم) أنه كسائر الأشياء التي يجب تطهيرها إما لأجل الصلاة أو لتكون طاهرة إن جعل فيها ما يؤكل أو يشرب لم ينجس مثل سائر الأواني التي تستعمل فلا يجب غسل جميعها إلا إذا أريد استعمالها.
فإن قيل: يجب غسله سواء أراد صاحبه استعماله أو لا؛ لئلا يستعمله غيره ممن لا يعلم حاله.