قيل: إن قولكم: إن مقل الذباب ليس بقتله محال، فهو وإن سلم في شيء فليس يسلم في كل شيء مثل الشيء الحار والعسل والدهن وما أشبهه، والنبي ﵇ لم يخص شيئا مما وقع فيه.
وقولكم: ليس يمتنع أن يبيح مقله فيه ويتنجس ذلك لغرض صحيح فإننا نقول: غرض فاسد؛ لأنه إذا كان في أحد جناحيه داء، وفي الآخر دواء كان الدواء بإزاء الداء فلم يربح من هذا أكثر من فساد المائع حتى لا يصلح لشيء، ففيه إضاعة المال، وقد نهينا عنه، وإنما أعلمنا ﵇ أن أكل ذلك الشيء لا يضرنا، ولا شربه؛ لأن الداء الذي في أحد جناحيه قد أزاله الذي الجناح الآخر، فلا يفسد علينا شيء مما وقع فيه.
وأما كي الحيوان فلنا فيه غرض صحيح لا يفسد علينا به شيء، فنظيره أن لا ينجس الماء، ولا يفسد علنيا ما وقع فيه الذباب.
ويؤيد ما قلناه: ما عليه المسلمون خلفهم عن سلفهم من لدن رسول الله ﷺ إلى وقتنا هذا، فإنهم يستعملون ما وقع فيه البق والذباب والزنبور، ولا يجتنبونه ولا يكرهونه، ولا ينكر بعضهم على بعض ذلك، ولم ينقل عن أحد منهم فيه خلاف، وهذا يدل على أنه موضع إجماع، ولو وقع بينهم فيه خلاف أو حكي عن واحد منهم أنه