فإن قال الشافعي: فقولنا أولى؛ لأنه يستمر في إناءين وثوبين، وفي اجتهاد الحاكم والقبلة في أنه ليس عليه أن يحكم بالاجتهادين، ولا الصلاة إلى جهات القبلة كلها.
قيل: أما الحاكم فإنه ينظر لقطع الخصومات، فإذا غلب على ظنه الحكم لأحدهما حكم، فلو قلنا له: احكم للآخر أدى ذلك إلى إحكام الخصومة بينهما، ولعل خصومتهما قبل هذا الحكم تكون أسهل، فلا يجوز أن يفعل ذلك، والصلاة حق محضة لله فنعمل بما ذكرناه، وقد ذكرنا الفرق بين الإناءين وبين القبلة بما فيه كفاية.
ويجوز أن نستدل على أبي حنيفة في تركه الإناءين وعدوله إلى التيمم بقوله - تعالى -: ﴿وأنزلنا من السماء ماء طهورا﴾، وبقوله: ﴿وينزل عليكم من السماء ما ليطهركم به﴾، وظاهر هذا طهارته، وبقول النبي ﵇:(خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه)، وهذا ماء لم يغيره شيء من ذلك، وقد قال - تعالى -: ﴿فلم تجدوا ماء فتيمموا﴾، ولم يخص ماء من ماء، وهذا واجد للماء فلا يجوز العدول عنه إلى التيمم إلا بدليل.