وهذا التعريف من الشيخ لا ينافي ما سبق ذكره من أقوال المفسرين في آية آل عمران: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ [آل عمران: ٧]؛ فإن الشيخ هنا ذكر المعنى الذي يرجع إليه معنى التشابه الخاص، ومعنى الإحكام الخاص، وهو الأصل، وهذا المعنى لا يختص بالآيات - كما سيأتي إن شاء الله تعالى -، بل يجري في الآيات المتشابهات، والأحاديث المتشابهة، كما يجري في المعاني والألفاظ المتشابهة، وفي الذوات المتشابهة، وغيرها.
فنطبق تعريف الشيخ للإحكام والتشابه الخاص على بعض ما قيل في معناهما:
ممَّا قيل: إن «المحكم»؛ هو:«الناسخ»، و «المتشابه»؛ هو:«المنسوخ»، فهذا التعريف ينطبق عليه تعريف الشيخ المتقدم، فإن الآية المنسوخة تشبه الآية غير المنسوخة من حيث إنها آية، ومن حيث إنها تدل على حكم، والأصل أن هذا الحكمَ قائمٌ وباقٍ، ولكن الآية المنسوخة تخالف غير المنسوخة من جهة أن حكمها قد رُفِع.
وبسبب هذا التشابه؛ يحصل اشتباه عند بعض الناس، فإنَّ مَنْ لم يبلغه الناسخُ يغلطُ؛ فيعمل بالدليل المنسوخ؛ لأنه لم يعلم الدليل المحكم الذي يزيل الاشتباه، ولهذا كان الواجب في المحكم والمتشابه - كما تقدم (١) -؛ هو: الإيمان بالمتشابه، والعمل بالمحكم، ورد المتشابه إلى المحكم الذي يزيل الاشتباه.