وقد وقع بنو آدم في عامة ما يتناوله هذا الكلام من أنواع الضلالات، حتى آلَ الأمر بمَن يدعي التحقيق، والتوحيد، والعرفان منهم إلى أن اشتبه عليهم وجود الرب بوجود كلِّ موجود، فظنوا أنه هو؛ فجعلوا وجود المخلوقات: عَيْنَ وجود الخالق! مع أنه لا شيء أبعد عن مماثلة شيء، أو أن يكون إياه، أو متحداً به، أو حالاً فيه؛ من الخالق مع المخلوق.
فمن اشتبه عليهم وجود الخالق بوجود المخلوقات - حتى ظنوا وجودها وجوده -؛ فهم أعظمُ الناس ضلالاً من جهة الاشتباه، وذلك أن الموجودات تشترك في مسمى الوجود، فرأوا الوجود واحداً، ولم يفرقوا بين الواحد بالعين، والواحد بالنوع.
قوله:(وقد وقع بنو آدم في عامة ما يتناوله هذا الكلام) أي: بسبب التشابه، ثم قال الشيخ مصوراً مدى ما وقع من الضلال بسبب التشابه:(حتى آل الأمر بمن يدعي التحقيق، والتوحيد، والعرفان منهم إلى أن اشتبه عليهم وجود الرب بوجود كلِّ موجود، فظنوا أنه هو؛ فجعلوا وجود المخلوقات: عَيْنَ وجود الخالق!).
وهؤلاء هم الاتحادية، أو أصحاب وحدة الوجود، فالله عندهم؛ هو هذا الوجود، أو هذا الوجود هو الله! وزعموا أنَّ إدراك هذه الحقيقة؛ هو تحقيق التوحيد، وأن من وصل إلى هذا؛ صار من العارفين!.