للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل وكذلك إمكان «الرؤية» يثبت بالعقل، لكن منهم من أثبتها بأن كل موجود تصح رؤيته، ومنهم من أثبتها بأن كل قائم بنفسه تمكن رؤيته، وهذه الطريق أصح من تلك.

وقد يمكن إثبات الرؤية بغير هذين الطريقين، بتقسيمٍ دائرٍ بين النفي والإثبات، كما يقال: إن الرؤية لا تتوقف إلا على أمور وجودية، فإن ما لا يتوقف إلا على أمور وجودية؛ يكون الموجود الواجب القديم؛ أحق به من الممكن المحدَث، والكلام على هذه الأمور مبسوط في غير هذا الموضع.

والمقصود هنا أن من الطرق التي يسلكها الأئمة، ومَن اتبعهم من نُظَّار السنة في هذا الباب: أنه لو لم يكن موصوفاً بإحدى الصفتين المتقابلتين؛ للزم اتصافه بالأخرى، فلو لم يوصف بالحياة؛ لوصف بالموت، ولو لم يوصف بالقدرة؛ لوصف بالعجز، ولو لم يوصف بالسمع، والبصر، والكلام؛ لوصف بالصمم، والخرس، والبَكَم.

وطرد ذلك: أنه لو لم يوصف بأنه مباين للعالم؛ لكان داخلاً فيه، فسلب إحدى الصفتين المتقابلتين عنه؛ يستلزم ثبوت الأخرى، وتلك صفة نقصٍ ينزه عنها الكامل مِنْ المخلوقات؛ فتنزيه الخالق عنها؛ أَوْلى.


= وناقضوا نفاتها؛ وإن كانوا قد شركوهم في بعض أصولهم الفاسدة؛ التي أوجبت فساد بعض ما قالوه من جهة المعقول، ومخالفته لسنة الرسول».
«شرح حديث النزول» ص ٤٣٣، و «الكيلانية» ص ٣٦٧، و «سير أعلام النبلاء» ١١/ ١٧٤، و «لسان الميزان» ٤/ ٢٥.

<<  <   >  >>