ومعنى كون الفعل ملائماً للفاعل: أي: سبباً لما يحبه الفاعل ويلتذ به، ومعنى كونه منافراً: أي: سبباً لما يبغضه ويؤذيه ويضر به ويؤلمه.
وهذا القدر والمعنى في الفعل؛ وهو: الملاءمة والمنافرة؛ منه ما يعلم بالعقل والتجربة، ومنه ما يعلم بالشرع، ومنه ما يعلم بالفطرة، ومنه ما يعلم بكل ذلك.
وأما معرفة تفاصيل ذلك، والغاية التي تكون عاقبة الأفعال من السعادة والشقاوة في الدار الآخرة والثواب والعقاب؛ فهذا لا يعلم إلا بالشرع.
فعقولُ الناس قاصرة عن معرفة تفاصيل اليوم الآخر، وتفاصيل الشرائع، وما أخبرت به الرسل من تفصيل أسماء الله وصفاته.
فهذا كله لا يعلمه الناس بعقولهم، وإن كانوا قد يعلمون كلَّ ذلك على سبيل الإجمال.
فتفاصيل هذه الأشياء مصدرها الشرع، الذي هو: الروح، والهدى، والنور، الذي جاء من عند الله، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا﴾ الآية.
فلا يمكن الوصول إلى تفاصيل العلوم الشرعية إلا بالوحي.