للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالهداية إلى تفاصيل هذه الأمور لا تكون إلا بالوحي كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيب (٥٠)﴾، وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾.

فمَن جعل حسن الأفعال وقبحها يعلم بالعقل؛ وهم: المعتزلة، ومَن جعله يعلم بالشرع؛ وهم: الأشاعرة، كلٌّ منهما أخرج معنى الملاءمة والمنافرة عن مسألة (الحسن والقبح)، فليس معنى: (الحسن والقبح) كون الشيء ملائماً أو منافراً عندهما، وهذا غلط.

ويلاحظ أن كِلا المذهبين أخطأ في مسألة «الحسن والقبح»، والصواب: أن الأفعال منها ما هو حسن، ومنها ما هو قبيح، حُسْناً وقُبحاً ذاتياً، يعرف بالعقل.

وأن كل ما كان حَسَناً في العقل؛ فإن الشرع يأمر به، ويزيده الأمر به حُسناً، وكل ما هو قبيح؛ فإن الشرع ينهى عنه، فيزيده قبحاً.

فلا تعارض بين العقل والشرع في هذه المسألة ولا غيرها، ولا يخرج حسن الفعل وقبحه عن كونه ملائماً أو منافراً.

فالصواب: إثبات الحسن والقبح العقليين والشرعيين، فالصلاة - مثلاً - فِعل حسنٌ بالشرع والعقل، وكذا التوحيد، والإحسان إلى الخلق.

والشركُ فِعلٌ قبيح عقلاً وشرعاً، وكذا الظلم، والزنا.

والإحسانُ فِعلٌ ملائم، والظلم والعدوان فِعل منافر، ولكن الجزاء على فعل الحسن أو القبيح؛ لا يكون إلا بالشرع.

<<  <   >  >>