للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن كلتا الطائفتين لما كانت تنكر أن يُوصفَ الله بالمحبة، والرضا، والسخط، والفرح، ونحو ذلك ممَّا جاءت به النصوص الإلهية، ودلت عليه الشواهد العقلية؛ تنازعوا بعد اتفاقهم على أن الله لا يفعل ما هو منه قبيح، هل ذلك ممتنع لذاته، وأنه لا تتصور قدرته على ما هو قبيح؟ أو: أنه مُنزه عن ذلك لا يفعله لمجرد القبح العقلي الذي أثبتوه؟ على قولين.

والقولان في الانحراف مِنْ جنس القولين المتقدمين، أولئك لم يفرقوا في خلقه وأمره بين الهدى والضلال، والطاعة والمعصية، والأبرار والفجار، وأهل الجنة وأهل النار، والرحمة والعذاب، فلا جعلوه محموداً على ما فعله من العدل، أو تركه من الظلم، ولا ما فعله من الإحسان والنعمة، أو تركه من العذاب والنقمة.

والآخرون نزهوه بناء على القبح العقلي الذي أثبتوه، ولا حقيقة له، وسووه بخلقه فيما يحسن ويقبح، وشبَّهوه بعباده فيما [يأمر] (١) به، ويَنهى عنه.

يبيِّن الشيخ أن المعتزلة والأشاعرة، وهم ينكرون أن يوصف الله تعالى بالمحبة، والرضا، والسخط، والفرح، ونحو ذلك؛ تنازعوا


(١) في المطبوع من متن «التدمرية» «يؤمر»، ورجَّح الشارح ما أُثبت. وكذا هو في بعض النسخ، كما في حاشية المطبوع.

<<  <   >  >>