للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسألة الثانية: حكم من وقع على بهيمة، والجمهور على أنه يعزَّر على معصيته، ولا يقتل؛ لأن الحديث لا يبلغ درجة الدلالة على إثبات مثل هذا الحكم، فالحديث من قسم الضعيف، ويتعلق بهذا الحكم حكمُ البهيمة، وظاهر الحديث أنها تقتل، وإلى هذا ذهب بعض العلماء، وذهب الأكثر إلى أنها لا تقتل، وينتفع بها، فعلى القول الأول إن كانت للفاعل فقد أتلفها على نفسه، وإن كانت لغيره لزمه أن يغرمها؛ لأنه المتسبب بقتلها. قيل: الحكمة في قتلها أن بقاءها يذكر بالفَعلة القبيحة، وقيل: ربما حبلت فأتت بصورة شنيعة، ويحتمل أن ذلك لأنها أصبحت مستخبثة ومستقذرة. والله أعلم.

* * * * *

(١٣٨٠) وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ (١).

* * *

مضمون هذا الحديث قد تقدم في أحاديث أول الباب، عند حديث أبي هريرة وزيد بن خالد، وحديث عبادة بن الصامت، لكن الحديثين من قوله ، وهذا الحديث خبر عن فعله ، فكما كان الرجم ثابتًا بقوله وفعله ، فكذلك الجلد والتغريب. ولا ينبني على الخلاف في رفع الحديث ووقفه إشكالٌ في أصل الحكم، وإن كان الراجح عند أهل الشأن وقف الحديث (٢)، والراجح من حيث النظر رفعه. فلا بد أن يكون الرسول لما حكم على العسيف بالجلد والتغريب أنه جلده وغربَّه، وقولُ ابن عمر هذا في الجلد والتغريب كقول أبيه : «فَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ» (٣). والله أعلم.


(١) الترمذي (١٤٣٨).
(٢) وممن رجح وقفه الدارقطني. ينظر: «نصب الراية» للزيلعي (٣/ ٣٣١).
(٣) تقدم (١٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>