الجاني: هو المعتدي على غيره بغير حق، طلبًا لأخذ ماله أو سفك دمه، وقد يعبر عنه ب (الصائل)، فهذا يُقاتَل ويُدفع بما يكف شره، والمرتد: هو من كفر بعد إسلامه، وسماه الله مرتدًا في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَنْ دِينِه﴾ [المائدة: ٥٤]، وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (٢٥)﴾ [محمد: ٢٥]، أي: رجعوا عن الدين الحق إلى الكفر. وكفرُ المرتد أغلظ من كفر الكافر الأصلي؛ لأنه أبصر ثم عمي، وآثر الضلال على الهدى، كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُون (٣)﴾ [المنافقون: ٣]، وضرب الله لهم مثلًا بمن استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون.
ومناسبة الجمع بين الجاني والمرتد في الترجمة؛ أن الجاني هو المعتدي على حق المخلوق، فيقاتَل لأجل ذلك، والمرتد هو الجاني على نفسه في حق الله، فيقتل لذلك. وفُرِّق بينهما بأن الجاني يقاتَل، ولا يلزم من ذلك قتله، إِلَّا أَلَّا يندفع صياله إلا بالقتل، وأما المرتد فحكمه القتل؛ لقوله ﷺ:«مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ»(١)، لكن بعد استتابته. والمرتدون أنواع؛ منهم من يستتاب، ومنهم من لا يستتاب، ومنهم من اختلف في استتابته.